الأخوة الكرام رواد المنتدى ، سلام من الله عليكم ورحمة منه وبركات وبعد فإن موضوع إصلاح ذات البين بين الناس من أجل الأعمال كما إن الخصومة والقطيعة من أبغض الصفات بل وإن الخصومة والتمادي فيها ( الفجور )علامة من علامات النفاق كما ورد في الحديث النبوي الشريف عن آيات المنافق ومنها : إذا خاصم فجر . وإن تعلق عمل العبد وعدم رفعه إلى الله حتى تنتهي الخصومة لأبلغ دليل على عظم إثم الخصومة والخصام.بل إنه يمنع من دخول الجنة كما ورد في الحديث الشريف :
ـ باب إِثْمِ الْقَاطِعِ
6050 ـ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، قَالَ إِنَّ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ، سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ " لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعٌ ". كما ورد في صحيح البخاري
وكما ورد في الحديث النبوي الشريف فإنه لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ يلتقيان فُيعرض هذا ويُعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام ، ولكننا نرى اليوم الخصومات والقطيعة بالأيام والشهور وقد تستمر أكثر من ذلك والعياذ بالله .
وإذا نظرنا إلى أسباب الخصومات والقطيعة بين الناس والأهل نجد أنها تبدأ بسبب عدم التفاهم المباشر بين أصحاب الشأن في اي أمر كان ، ونجد أن نوع من الشخصيات التي لا يحلو لها الحديث والسمر إلا في أعراض الناس هي التي تشعل نار هذه الخصومات فتجدها وفي مجلس حديث ضاحك تحكي بخبث عن فلان وما قاله في فلان ولماذا قال هذا وتجدهـ يزيد من عنده ، وحينما يأتي الناس للشخص الآخر تجد هذه النوعية حاضرة وتنقل للشخص الذي قيل فيه وأيضاً لا يكتفي بل يزيد وينمق الحديث ، وبالإضافة لذلك نجد أن معظم الناس لا يجيدون فن المحاورة والمحادثة فإذا سمع كلاماً قيل فيه وقاله فلان فإنه لا يسأل الشخص مباشرة بل تجده قد صدَّق الكلام وختم عليه ، ويبدأ في التجهيز والحرب على فلان دونما تحري ومحاورة وتفاهم بل يصدق هذا الكلام كأنه مسلماً به وهنا ممكن الخطأ.
ومن الأشياء القبيحة جداً القطيعة والنميمة والفتنة والتي هي أشد من القتل هذه الأشياء هي التي تؤجج نار الخصومة والقطيعة .
وبالنظر في مجمتعنا نجد أننا لا نخلو من هذه الأمراض الخطيرة والفتاكة والتي تهدم المجتمعات وتفكك روابط الأسر والعلاقات الاجتماعية وتؤدي إلى قطع الأرحام . وما أدراك ما الأرحام أناس يقطعوا ارحامهم وأقاربهم ويزاورون الأصحاب بدلاً عنهم ، ولا ضير في اتخاذ الأصحاب والأحباب ولكن الرحم أولى وهي من الرحمن فقد اشتق الله لها اسماً من اسمه وقال لها الحق اطلبي فقال أن تصل من وصلني وتقطع من قطعني .
وكما نعلم جميعاً فإن صلة الرحم ركن ركين في الدين ، كيف لا وقد أوصانا الحبيب المصطفى بصلة الرحم كما ورد في خبر الرجل الذي أشتكى أهله للرسول صلى الله عليه وسلم بشأن مقاطعتهم له مع صلته لهم ، فأوصاه الحبيب بأن يدوام على صلة أرحامه وقال له الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم على ذلك دوام يعني أن تصلهم وتعطهم مع مقاطعتهم لك وحرمانك لهم من عطاياهم ، وهكذا هي المعاملة الحسنة ، فليست المعاملة الحسنة أن تصلك من يصلك وتعطي من اعطاك فهذه نوع من المكافأة في التعامل وهو تمام معنى ليس الواصل بالمكافي ولكن الواصل أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك .
ـ باب لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِي
6057 ـ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، وَالْحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو، وَفِطْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ـ وَقَالَ سُفْيَانُ لَمْ يَرْفَعْهُ الأَعْمَشُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرَفَعَهُ حَسَنٌ وَفِطْرٌ ـ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ " لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ، وَلَكِنِ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قَطَعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا ".
وفي ختام هذه التذكرة التي هي لنفسي أولاً ،آمل أن نوفق في جميعتنا لتكوين لجنة لإصلاح ذات البين تهدف للمصالحة بين المتخاصمين وعلاج أسباب الخلاف وحل المشاكل بين الناس ، وتقوية صلات الأرحام والتواصل الاجتماعي بين الأهل الذي بدأ يصاب بالوهن وكأنه أصبح شيئاً من الموضة القديمة ،
ويمكن تزكية مجموعة من الأشخاص المشهود لهم بالقبول العام لدى غالبية أبناء المنطقة ولهم من الحكمة والخبرة والأمانة وحفظ الأسرار ، بما يساعد في إزالة أسباب الخلاف بين الناس والأقارب .
ويمكن لأي شخص لديه خلاف مع أي شخص وعجز عن إزالة أسباب الخلاف أن يعرض أمره لهذه اللجنة ، أو عن طريق أي شخص يعلم بوجود خلاف بين أي شخصين أن يرفع للجنة هذا الأمر ، وكذلك خلافات العائلة أو الأسرة لا سمح الله يمكن أن تعرض على هذه اللجنة حتى نصلح بين الناس ، ونعيش في جو من الإلفة والمحبة والتأخي وللنبذ الخلافات ولا ندع مدخلاً للشيطان بيننا واختم بالقول الحق تبارك تعالى ((.والصلح خير، وأُحضرت الأنفُس الشُح وإن تٌحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا (128) سورة النساء
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل ، ودمتم في رعاية الله وحفظه ؛؛