يقول جوهر دوداييف رحمه الله : ( العبد الذي لا يحاول تحرير نفسه فهو عبد مرتين ) ، هكذا هو الكاتب والصحفي السعودي تركي الدخيل وهو يلمع المنظومة الأمريكية عبر صحيفة الوطن السعودية برعاية من الأستاذ الكبير عدنان خاشقجي . فتنكب انهزاميته النفسية وانبهاره بالغرب في مقالة أبلغ ما فيها أن المغلوب ينتصر للغالب في روح ليس بها أي ذرة مقاومة أو اعتزاز بالهوية مختلطة بإهانة مبطنة لصحابة الرسول صلى الله عليه وسلم وتشبيه لكافر بصحابي جليل .
( بلال المؤذن... بلال الرئيس! ) هكذا انطلق الدخيل ليقول : (حسناً فعلها أوباما... وانتصر لا للحزب الديموقراطي، وليس للسود فقط، ولا للملونين، ولا للأقليات فحسب، بل لكل المهمشين في العالم ) أقول صدقت أيها الدخيل فلقد انتصر أوباما لكل المهمشين ، انتصر أوباما لكل مسلم ، انتصر لعشرات المسلمين المدنيين الأبرياء الذي يقتلون يوميا ً على الحدود الباكستانية وأباما يصرخ لن نترك أي هدف إرهابي إلا وضربناه حتى لو كان داخل باكستان ، انتصر أوباما لكل مهمش فوضع ايمانويل الإسرائيلي الأمريكي رئيسا ً لموظفي البيت الأبيض كيف لا ايمانويل خدم خدمة تطوعية للجيش الإسرائيلي وهو يقصف أبرياء لبنان ، انتصر أوباما انتصر أوباما أيها المخدوع اصرخ ، اصرخ يا تركي الدخيل دعني اسمع صوتك وأنت تشبه بلال بن رباح مؤذن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بأخلاقياته الرائدة بالأنجلوسكسوني الأسود ، لقد ذهبت المروءة فينا حينما نسمح للدخيل وأضراب تركي الدخيل وهم يشبهون بلال بأوباما .
لكن الذي يغيض ويجعلك تحترق في مكانك استهتار الدخيل بشهدائنا ، استهتاره بالدم المسلم الرخيص ، والله إنه لعار أن يكتب الدخيل حروفه من على منبر يسمى منبر الوطن ، يقول الدخيل : (أمريكا أوباما، هي أمريكا الفرص للمؤهلين. هي التي تنتصر للعلماء والمختصين والمتعلمين والفنيين ) ، هل أمريكا انتصرت للعلماء المصريين الذين رفضوا الجنسية الأمريكية والبقاء في أمريكا فقصفتهم الصواريخ الأمريكية وهم في طريقهم إلى مصر فتناثرت جثثهم في المحيط ، هل هذا انتصار للعلماء ؟ أم إن العلماء المقصودين في مقالتك هم كل عالم ينتصر للأنجلوسكسونية الصهونية ؟ هل الإنتصار للعلماء هو ملاحقة العلماء في بغداد وقتلهم واحدا ً تلو الآخر ؟ بل نقول أن الدخيل انتصر للقيم الأمريكية الفاشية تجاه الآخر في مقال قصير في صحيفة الوطن ، هذا هو الإنتصار وليس انتصار أمريكا للعلماء والمختصين الذين إن غردوا خارج السرب الأمريكي قتلوا بدم بارد واسأل شوارع بغداد وطائرة العلماء المصريين حينما تناثرت جثثهم على سواحل الحرية الأمريكية .
أيها القارئ العزيز هل تعتقد أن الدخيل توقف عند هذا الحد ، لا وألف لا بل ختم مقالته بهذه الجملة : ( أمريكا العظيمة اختارت بلالاً ليكون رئيساً لها في الوقت الذي لا نزال نصر على اعتبار بلال مؤذناً، دون أن نتيح له فرصة، ليكون إماماً ) ، كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا ، أمريكا اختارت بلالا ً يدعو لزيادة القوات في أفغانستان لكي يحكم الإحتلال المباشر لها ومزيدا ً من قتل الأطفال ، أمريكا اختارات بلالا ً وقف أمام الأيباك ليقول القدس عاصمة أبدية للصهاينة ، أمريكا اختارت بلالا ً يختار أول موظف في البيت الأبيض إسرائيلي جلد ، ماذا عساي أن أقول عن بلال أمريكا كما يدعي الدخيل - حاشا بلال رضي الله عنه وأرضاه - ؟
تركي الدخيل وأضرابه لم يكتفوا بالهزيمة النفسية ، إنها ليست عقدة أن المغلوب ينتصر للغالب ، بل إن النظرية متعدية حينما يصبح المغلوب والمهزوم بلا أي مقاومه ، يصبح إنسانا ً فارغا ً أجوفا ً يردد أبجديات عدوه ويعتبرها مثاليات لا مثيل لها ، إن الإنسان الذي يفقد كل معاني المقاومه والجهاد حتى لو بالقلم فإنه يأتي بعظماء رموزه ليشبه بهم أخبث أعداءه ، هكذا فعل الدخيل فقد قال بلال ووضعه في صف أوباما وأتى بأمريكا وقال العظيمة هيا أيها الشعب المسلم لك بها أسوة حسنة ، كان الأجدى بتركي الدخيل أن يتحدث بسطر واحد عن الإحتلال والقتل وقصف طائرات الإف 16 ، كان الأولى به أن يتحدث عن القدس وفلسطين والتحييز الكبير الذي أظهره الأسود الإنجلوسكسوني لليهود ، كان الأولى أن يشمر الدخيل عن ذراعيه ليكون إنسانا ً قبل أن يكون مسلما ً ، كن أيها الدخيل إنسانا ً فنزويليا ً أو مكسيكيا ً أو هندورسيا ً أو كوبيا ً أو عراقيا ً أو أفغانيا ً أو كوريا ً شماليا ً ، والله إننا لا نطلب من الدخيل وأضرابه المهزومين والمبهورين بالأخلاقيات السياسية الأمريكية الرائدة سوى أن يكون لديهم ذرة من إنسانية تحس بمرارة كل دولة وقفت أمام الإمبريالية الأمريكية ولو لدقيقة واحدة وتجرعت مرارة الظلم والكبت والحصار واسألوا أطفال العراق عن ظلم الديموقراطية في سنوات الحصار .
فهل عرف تركي الدخيل العبد الذي لا يحاول تحرير نفسه ؟ هو العبد المبهور بقوة أعداءه ، هو المهزوم الذي ينتصر لعدوه ، هو الإنسان الذي محيت من كيانه روح المقاومه يظن أن النهضة والشأن والحرية والتقدم في نهج أعداءه ، حتى لو كان عدوه محتلا ً وقاتلا ً وسفاكا ً للدماء ، حتى لو كان عدوه يقدم أجمل صور الحرية داخل حدوده ويقدم ألوان الفاشية والعنصرية خارج حدوده وناجزاكي وهيروشيما وفيتنام خير شاهد ، و لأنك فلسطيني تحرم من حق العودة لوطنك وتصادر أرضك ويسمى فعل عدوك دفاعا ً عن النفس ، لأن العنصرية الإنجلوسكسونية الصهونية ضاربة في أعماق الديموقراطيين والجمهوريين على حد سواء مهما تغيرت ألوانهم ، كنت أسودا ً أم أبيضا ً سيظل الأيباك فارشا َ جناحه متمتعا ً بقوته الضاغطه التي يجهلها تركي الدخيل ، ويجهل معها ملايين الدولارات الداعمه لإسرائيل في عهد رجل أبيض أو رجل أسود . ولإن كان باراك أوباما حرر نفسه من رق العبودية فقد ولج إلى عبودية أوسع ، لأجلها صرح مرارا ً أنه لم يكن مسلما ً يوما ً من الأيام وكأن الإسلام لوثة يتلوث بها ولا يصل بها للسلطة ، حتى أنه زار الكنيسة علننا ً ليثبت أنه كافر ناقع في الكفر وسافر مسرعا ً إلى إسرائيل ليصلي صلاة اليهود أمام حائط المبكى وهو يرتدي الكوفية اليهودية ، أليست هذه عنصرية ضد المسلمين حينما يعتبر الناخب المتنفذ أن الإسلام مانع للوصول للرئاسة فيفعل المرشح المستحيل ليثبت عكس ذلك ؟
ألم يقرأ الدخيل تقرير منظمة كير في عام 2007 ( بدن خوف من التمييز ) والذي سجل أكثر من 2000 حادث كراهية وتمييز وتحرش ضد المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية خلال عام واحد فقط ؟ !!
ألا يعلم تركي الدخيل أنه في بلد الأحلام دعت منظمة كير ( المعتدلة ) إلى التحقيق في حريق مسجد بولاية ميريلاند باعتباره جريمة كراهية محتملة هذا العام ؟ !!
ألا يحرر تركي الدخيل نفسه ؟ ويعتق ذاته من رق المغلوب المنهزم الذي لا يقرأ شيئا ً سوى مجد أمريكا وديموقراطيتها ؟
ختاما ً هذه دعوة لتكريم وتنزيه صاحب الرسول صلى الله عليه وسلم سيدنا بلال بن رباح رضي الله عنه من هرطقات الدخيل وقبح أوباما ، فهذا الإنتقاص من صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم بأنهم لم يجعلوا بلال بن رباح إماما ً واكتفوا به مؤذنا ً ، هذا الإنتقاص المبطن في حديث الدخيل غير مقبول ومرفوض فليس أوباما وليست أمريكا تستحق هذا التشبيه وهذه الجلبه .
تركي بن عبدالله العبدالحي
كاتب سعودي
Turki@sabq.org www.3adyat.comخاص بصحيفة ( سبق ) الالكترونية