لم أكن في يومٍ أحلم بالدراسة في غير جامعة الخرطوم ، وذلك لعراقتها وجزورها الراسخة ولكن وكما قيل من مبررات عن ثورة التعليم العالي كان يجلس 100.000 طالب ( مائة ألف طالب ) للشهادة الثانوية وتستوعب جامعة الخرطوم 5.000 طالب ( خمسة آلاف طالب فقط) ولكن هل تكون النتيجة الكم على حساب الكيف ؟؟؟؟
ثورة التعليم العالي ورجالها حولوا المدارس الثانوية العريقة إلى جامعات ( حنتوب ، خور طقت ، كوستي القوز ، وغيرها ) يعني نزول الجامعة إلى المرحلة الثانوية ابتداءً من المباني وحدث ولا حرج عن المعاني ( الدراسة والمنهج ، والتقوييم والمتابعة ).
في الجامعة أصبحت المقرارت لا تملى الكراس ( أبـ 64 ورقة ) ،
يمكن للطالب أن يغيب عن كل المحاضرات إما أن يكون يعمل في وظيفة ، أو يكون من رواد الكفتريات والبنشات والونسات ، ويأتي في نهاية الفصل الدراسي ويصور كل المقرر ويذاكر في اسبوع ويكون من الناجحين .
اجتهدت الحكومة في إخراج نظام السكن والترحيل والإعاشة بدءً من جامعة الخرطوم ومن ثم ( شغلوا الطلبة في معاشهم وسكنهم حتى لا تكون لديهم فرصة للنشاط السياسي حسب زعمهم ) ، ومن ثم يساومون الطلبة المساكين بصندوق الإعاشة والإنضمام إلى الحركة الإسلامية أو الموت جوعاً ،
أصبح الطالب الذي يزور المكتبة في الجامعة يسمى دبيب المكتبة وكأنه من العار دخول المكتبة ، بل وحتى الأستاتذة تخلوا عن إعطاء الطلبة واجبات للقيام بالبحوث نسبة إما لعدم توافر المراجع أصلاً أو لعلمهم بعدم مقدرة الطلبة على إنجاز المطلوب نسبة لعدم توفر الوقت الكافي للطلاب ففي السابق كان السكن في الحرم الجامعي حتى لطلاب العاصمة ، فكانت المحاضرات موزعة طوال اليوم .
تدهور مستوى اللغة الإنجليزية لدى معظم الطلاب ومن النادر أن تجد طالباً يطلع على مرجع في تخصصه باللغة الإنجليزية
هذه بعض الملاحظات عن التعليم العالي وثورته ، ورغم أن الزمن كل يوم في تطور إلا أن مستوى التعليم في السودان خلال الفترة الأخيرة في تدهور ، وسبق وكان لدينا لقاء جامع في كلية الزراعة جامعة الخرطوم مع الطلاب وكافة الأستاذة والمحاضرين في مناقشة عن نظام الساعات المعتمدة الذي طبق في كلية الزراعة وهو نظام المعدل التراكمي ، وأذكر حينها أنني ذكرت لهم أننا وإن كنا في زمن متقدم لزمنهم الذي درسوا فيه إلا أنه وللأسف في مستوانا التعليمي في تدهور ، فبالرغم من التوسع في أعداد الطلاب فإن المصحلة هي أنصاف خريجيين إلا من رحم ربي ووفقه الله في الاجتهاد بصفة خاصة كما يفعل معظم طلاب كلية الطب حالياً وأما بالنسبة للعلوم الأخرى فاعتقد ان المستوى التعليمي سيئ للغاية . كيف لا وانت لا تجد سكناً جامعياً ولا استقراراً اكاديمياً ولا مناخاً تعليمياً مناسباً ، والجامعات عندنا أصبحت كالمدارس الثانوية بل أقل مستوى في بعضها ، نتمنى أن يتم مراجعة وضع التعليم العالي في بلادي لأن أساس التنمية هي التنمية البشرية . ودمتم في رعاية الله وحفظه ....