قصص قصيرة عن الغربة

(حفرة) كان يحب كلبه... صغير ويغرق في شعره الطويل الناعم، وديع يتقافز بين رجليه يقاسمه السرير ويبرد من هجير وحدته القاسية... فكر ان لا تفارق عيناه الكلب فربطه بسلسلة حديدية الى قائم السرير... استعرت العداوة بينهما بمرور الزمن وتعكرت المسافة بينهما بالصراخ والنباح ثم ساد صمت اخرس في البيت تنبه له الجيران... اقتحموا المنزل فوجدوا بقايا من الرجل الميت وفراشا منقوعا بالحقد وبالدم فيما راح الكلب قرب قائم السرير في اغفاءة طويلة هانئة.

احلام كان يقاسمني السجن... وفي كل صباح يتأمل بيده صورة امرأة جديدة وعند السؤال كان يجيبني مزهوا بأن صاحبة الصورة قد تزوجها في حلم الليلة الماضية... السرور والرضا يغلف ملامحه المتعبة ويكنس عن سجنه الابدي غبار السأم والضجر... وخلال الفترة التي قضيناها في الزنزانة معا تكدست النساء لديه احلاما وصورا واكتظ المكان برائحتهن وثرثرتهن وشبق تقاطيعهن... وحين رفسه الشرطي بآليته وهو نائم في صخب عرس جديد هب مذعورا من صحراء احلامه وهو يصيح... نساء... نساء...

غربة
خسر في زمن غامض رأسه... كان يتجول معي بلا رأس في ازقة المدينة وشوارعها وساحاتها المكتظة وحدائق اطفالها الفارين منه يسبقهم صراخهم وعويلهم نحو احضان امهاتهم وآبائهم... كنت اقاسمه رأسي المنتفخ بالطنين والفراغ وانير الطريق لخطواته وأقرضه بعضا من نزقي وافكاري... في مشيته يبدو كوتد مزروع بساقين هزيلتين وبطن منتفخ ورقبة مستديرة. في الزمن الاخير اضاعت يدي يده واختفى في الزحام... تمعنت في الغادين والرائحين فوجدت الجميع بلا رؤوس وقد تناسلت هيئاتهم وظلالهم كنسخ مكررة من صديقي، يعرف بعضهم بعضا ويند عن حديثهم اصوات واشارات وشفرات لم تآلفها اذناي... تلونت المدينة التي امتلكوها ببريق المال وبموائد النساء الجواري اللواتي اشتروهن بجنونهم وغرائزهم... وحين مروا بقربي وانا على رصيف وحدتي، عكروا سمائي بالسخرية والهزأ والغمز واللمز وانا انعكس في عيونهم وتدا مزروعا بلا رأس ولكن برقبة غليظة وبطن منتفخ وساقين هزيلتين.

هواء
فض الاب رسالة ابنه من بلاد الغربة... (والدي العزيز... لقد مات برعم شجرتي التوأم... لم تفلح معه كل جهود الاختصاصيين من مهندسيين واطباء هنا في البلاد الغريبة ولا عنادهم في مقاربة الهواء والمناخ والتربة... اعتقد ان أخاه البرعم في حديقتك يرفل الان بالعافية... لتستحم البراعم بالشمس والهواء فالحرية وطن...) في كل صباح جديد كان الاب يطل على البرعم الوحيد في حديقة البيت بعينين مخضلتين شاردتين وملامح مكدودة، مسهدة ويد مرتجفة تغسل تعب البرعم الفتي...

[b]تمام ياابو القصص القصيرة.......... ننتظر المزيد[/b]